أخبار وتقارير

الصحفي سامي غالب يتحدث عن صورة التقطت في السبعينات مستذكرا القمع الديني والبوليسي

يمنات – متابعات

نشر الصحفي المعروف سامي غالب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صورة للجمعية الفلسفية بجامعة صنعاء تعود للعام 1977م، تذكر من خلالها كيف كان طلاب تلك المرحلة منفتحون، على الرغم من التضييق الديني للجماعات المتطرفة، والقمع البوليسي لأجهزة الأمن التي كان المتشددين نافذين فيها.

وسرد غالب في تعليقه على الصورة حالات اختطاف وإخفاء قسري ومضايقات تعرض لها البعض، أوصلت بعضهم لمغادرة الوطن، كما أستذكر كيف واجه بعضهم تهم أوصلتهم إلى حبل المشنقة.

               

يقول سامي غالب في تعليقه على الصورة التي أختارها غلافا لصفحته في الفيسبوك:

كلما صادفت هذه الصورة في البوماتي وقعت عيناي على صبية في الصف الاول الثانوي تحلم بدراسة الطب في لندن, وأديب يلقي محاضرة في الجمعية الفلسفية بجامعة صنعاء, وشيخ دين من منبر جامع في الجوار يحرض المؤمنين على الجهاد ضد أم العلوم,, وأستاذ فلسفة من السودان اضطر لمغادرة اليمن مرات وقرأ التحولات في مرحلتين متمايزتين في اليمن, وضابط أمن متجهم يؤدي وظيفته بروح رسالية كأنما هو في بعثة جهادية, وشاب ذي حضور آسر وعد الصبية بمرافقتها, وقدم الأديب في قاعة الكلية, وناؤى الشيخ المتطرف, وحاور الأستاذ الجامعي, وصادف في ميدان التحرير في عام 1982 الضابط الجهم, ثم غاب عن الأنظار.

 

الصورة, التي اخترتها غلافا لصفحتي, التقطت في سنة 1977 أو 1978 على الأرجح, وقت كانت جامعة صنعاء منفتحة على محيطها, يديرها الشهيد سالم السقاف ( من سيئون حضرموت, وكان وقتها من أهم معاوني الرئيس الحمدي), وتتسع قاعاتها لمثقف اسمه عبد الله البردوني, ويتفتح ابوابها للجميع بمن فيهم الاطفال والفتية في الأحياء المجاورة الذين يفضلون لعب الكرة في رحابها.

 

كان طلاب الفلسفة في المرحلة الأولى التي درست فيها في اليمن (1974- 1979) منفتحين جدا, ومحاورين لا يقل مستواهم عن اي طالب عربي أو اجنبي في أي جامعة عربية, قال لي الأستاذ الجامعي عبد السلام نور الدين قبل نحو عامين عندما جاء الى اليمن في زيارة قصيرة قبل أن يعود إلى لندن حيث يدرس هناك.

 

في 1979 بدأ الشيخ الزنداني حملته العلنية ضد أم العلوم, وهو حرض المؤمنين على الجهاد ضد قسم الفلسفة الذي يعلم شباب اليمن الكفر, وعلى الأرجح فإن الزنداني خص الدكتور نور الدين بجرعة استثنائية من الاهتمام ما اضطره إلى مغادرة اليمن لاحقا.

 

في المرحلة الثانية (1984-1989) تغير الأمر, فقد وجدت طلابا أقل انفتاحا وأكثر محافظة, قال نور الدين الرجل الذي تعرض للمضايقات من رجال الدين والأمن معا.

كانت الإدارة في المرحلة الأولى مثالية, وقد تميز سالم السقاف بدقته الشديدة, يتذكر الدكتور عبدالسلام مدير الجامعة وإذا هو يبتسم إذ يستدعي وقائع محاكمته كقائد للانقلاب الناصري على صالح في اكتوبر 1978, فالدقة الشديدة تجلت غضبا وحنقا واشمئزازا في المحكمة وهو يرد على ادعاءات محمد خميس رئيس المخابرات (الأمن الوطني).

 

في الصورة لا يظهر إلا محمد علي قاسم هادي (الثاني وقوفا من اليمين), طالب الفلسفة المتعلم الذي يظهر في صورة أخرى إلى يمين الشاعر البردوني وهو يقدمه لطلاب الكلية في سنة سبعينية خصيبة, والناشط في الحركة التعاونية, والصحفي في نشرات وإصدارات التعاونيات, ثم عضو مجلس نقابة الصحفيين في اليمن الشمالي. وبهذه الصفة الأخيرة زار محمد عدن ضمن بعثة نقابية للمشاركة في مؤتمر نقابي, وعندما عاد كان الضابط في انتظاره في المطار, وهناك حدثت مشادة بينهما. اعتقل لاحقا من ميدان التحرير ولم يظهر له أثر.

 

وعد محمد علي قاسم هادي لطيفة باصطحابها معه إلى لندن, هو للدراسات العليا, وهي لتعلم الطب, لكن الرحلة الموعودة تم تغيير مسارها ظهيرة أحد ايام مايو 1982, فبينما كان هادي يعبر ميدان التحرير, اعترض طريقه ضابط ومجموعه من الجنود, وأخذوه إلى معتقل الأمن الوطني, ساعتها بدأت لطيفة رحلة البحث عن شقيقها الأكبر, وقد فقدت والديها لاحقا, وفي اغسطس 2007 (نشرت النداء تحقيقا موسعا عن هادي في حلقة من ملف المخفيين قسريا), قالت لطيفة: إن أردتم معرفة مصير أخي اسألوا الأخ محمد اليدومي!

 

لكن اليدومي كغيره من السياسيين البارزين في هذا البلد, لا يكترث للتفاصيل, وربما يهرب منها. ويمكن المجازفة بالقول هنا أن السياسيين اليمنيين في أغلبهم آثمون, هاربين من ضحاياهم, تجلي ذلك في مسودة قانون العدالة الانتقالية التي يتحمس لها رفيق محمد هادي, الوزير الحالي محمد المخلافي, المسودة التي لا تكترث بالضحايا وتعفي الجناة من المسائلة بل ومن الإدانة الاخلاقية. وأية أخرى هذا الزعيق الذي يتردد في أرجاء اليمن باسم الثورة والديمقراطية والأمن والاستقرار والاستقلال، لكن أيا من الزاعقين لا يريد أن يعترف بجرمه, لا يريد لرحلة لطيفة الاضطرارية أن تنتهي, لا مانع لديه من أن تمضي عيد الفطر وحيدة مقصية مخذولة للمرة الـ30!

زر الذهاب إلى الأعلى